التسويق الرقمي من الصنارة للشبَكة
التسويق الرقمي من الصنارة للشبَكة
رحلة تطور المجال من 2010 لـ 2020 وما بعدها
من ساعة ما بدأت أشتغل في مجال التسويق والمحتوى الرقمي ولحد النهاردة (حوالي 10 أو 12 سنة) فيه حاجات كتير اتغيّرت، الأدوات اتطوّرت جداً، والمجال نفسه بيوسع ويشمل حاجات أكتر. والمصطلحات المنتشرة دلوقتي -في المسميات الوظيفية- زي الـ performance marketing – media buying بقت تلخبط صاحب العمل business owner فمش عارف هو مشروعه محتاج مين من الناس دي.
غير إن من المآسي اللي كنت بأشوفها إن حد واخد لقب ((مدير تسويق رقمي)) يغفل جوانب مهمة، ويقولك “أنا عامل شغلي وزيادة” (إذا كان بيعمل إعلانات مدفوعة media buying مثلا أو SEO بس) بيضخّم في الجوانب دي على أساس إنها الطرق الوحيدة اللي هتوصل للفئة المستهدفة، ومش بيتطرق لجوانب مهمة (زي العلاقات العامة online PR والتسويق عن الصحافة والمؤثرين) ظناً منه إن ده مش تخصصه!
عشان كده هتكلم في المقال ده عن المكونات الأساسية والفرعية لمجال التسويق الرقمي، اللي تخلينا نعرف لوحدنا إيه الحاجات اللي المجال محتفظ بيها من سنين، وإيه عفا عليه الزمن.
(خرائط التسويق الرقمي) من الحاجات اللي بأحب أتابعها وأطورها بُناءاً على اكتشافاتي الشخصية أثناء تجربة تكنيكات جديدة، عشان أشوف (الرؤية العامة) اللي بتنظّم وتسهل التركيز على (التفاصيل). ولأني مهتم بالتسويق marketing ككل، كان بيعجبني لما خبراء المجال يصنّفوا أجزاء مع بعض، فـ (المزيج التسويقي marketing mix) بيجمع أركان التسويق المهمة في الـ 4Ps وبعدين يتطوروا لـ 7Ps وأفتكر دلوقتي وصلوا لـ 12Ps. الجانب ده من تصنيف وترتيب المعرفة نوع من الابتكار بيسهّل الاستفادة منها وفهمها والبناء عليه.
خلال الـ 12 سنة اللي فاتوا شفت حوالي 4 خرائط رئيسية بتصنّف وتحدد رؤية عامة لجوانب التسويق الرقمي، بتوضح المجال بينقسم لإيه، ولما نيجي نحط خطة استراتيجية نبدأ بإيه ونهتم بإيه، ونفرّع ونطلّع تفاصيل وجزئيات نكون شبه متفقين على أساسها.
الخرائط دي بتتطور مع تطور التقنية، وارتباط مجال التسويق والدعاية promotions اليوم بمجالات زي الذكاء الاصطناعي artificial intelligence وتحليل البيانات الضخمة big data حتى طلع تخصص neuromarketing اللي بيدرس ردود أفعال المستهلك على الدعاية وتجربة الشراء اللي بتتقدم له بالدخول إلى دماغه وقياس انفعالاته حرفياً، مش مجرد عينة دراسة للسوق. دي دراسة للدماغ البشري.
خلينا نبدأ بالخرائط اللي اتعملت في بدايات المجال ومنها ندخل في تفاصيل أكتر، وهعرض خلالهم وجهة نظري للتصور اللي بيعبّر عن المكونات (الأساسية) للمجال. وأحب إننا نتناقش فيها علشان نتعلم من بعض.
1. خريطة التسويق عبر الإنترنت Online Marketing Map
الشجرة دي أول مرة شفتها أفتكر كان في 2011، وكانت أول حاجة أثبتتلي إن رؤيتي عن مجال التسويق الإلكتروني قريبة جداً من اللي فاهمة عنه. من أيام ما كان اسمه E-Marketing و Internet Marketing. إن التسويق أونلاين مش مجرد إني أعمل ويبسايت عليه مقالات، ولا فيديوهات (كيف تربح 1000 دولار من جوجل)، ولا بس أدخل على (المنتديات forums) أكتب موضوعات وأتكلم وسطها عن عروض شركتي.
الجزء من أول هنا ولحد النقطة الجاية (رقم 2) تفصيلي بيشرح للمبتدئين فروع التسويق الرقمي، وإن ده فعلا هو نفس اللي بنعمله في المجال من 2010، لكن المصطلحات كانت أبسط وفيها اختلاف طفيف.
التسويق عبر الانترنت بيشمل رؤية أوسع للتواجد على الويب، وعند الجمهور اللي بتستهدفه، مش كل الناس على الانترنت وخلاص؛ فبالتالي بيبدأ من جذور الشجر بـ البحث والتحليل analysis عن:
- موقفك الحالي كشركة (نقاط القوة والضعف).
- موقفك من المنافسة في السوق.
- شخصية الجمهور الملائم لمنتجك أو خدمتك.
قبل ما نطلع اونلاين بنحدد خطة الوصول للأهداف (الاستراتيجية) strategy وفيها ما يسمى دلوقتي بـ (قُمع تحقيق المبيعات sales funnel) لكن بشكله المبدئي وقتها، كان مكتوب:
- إزاي هتجذب العميل المحتمل attract.
- وتخليه يتفاعل مع اللي بتقدمه engage.
- وتحوله لعميل فعلي convert.
- ومن ثم تضاعف عمليات البيع multiply، بإنه يشتري منك أكتر من مرة أو يجذب عملاء آخرين، ودلوقتي بنسميها الاحتفاظ بالعميل retention.
وبالتالي طالما رؤيتك لتحقيق الهدف وضحت، هيكون عندك طريقة للوصول لجمهورك المستهدف، وتعبّر لهم عن منتجك وخدمتك بـ الانطباع المؤثر branding اللي بيوصلهم لما يتعاملوا معاك…
- بيكون مُركَّز على الشخصية المُعبرة فعلا عن مشروعك focused.
- واضح clear، بكل الأشكال: البصرية والمسموعة ومنظم وموحد.
- له رسالة أساسية بيوصلها brand message، بيلعب عليها دايماً.
- وتكون حقيقية ومقنعة لجمهوري compelling، مش بيبيع الهوا.
بعدين -زي ما واضح في الشجرة- تخطط للمحتوى content (مكانش لسه اسمه content marketing) بحيث يكون:
- ملائم ومعبّر relevant عن المنتج أو الخدمة.
- ومُصاغ بطريقة تحقق نتائج benefit driven.
- منظم ومتجدول organized مش بيتنشر في أوقات عشوائية.
طالما جهزت الـ 4 عناصر الرئيسية دوول، تقدر تطلع بـ موقع إلكتروني website بيراعي معايير الويب ومحركات البحث -المتجددة باستمرار-، وتعمل تصميم لتجربة المستخدم ورحلته في الويبسايت تكون مريحة له وبتوصلك لأهدافك كمان.
بعدين باقي العمليات، تهيئة المحتوى والموقع لمحركات البحث SEO، لكن هو مدخّلها جوه فرع أكبر منها وهو الـتسويق عبر محركات البحث SEM (واللي فيه جزء إعلانات مدفوعة، مش نتائج بتحققها بشكل طبيعي organic).
والتواجد بمحتوى عن مشروعك على أدلة الويب web directories & listing زي على yellow-pages، حاجة أشبه بالتواجد على قنوات الإعلام الاجتماعي social media channels، والمهمة دي على الرغم بساطتها وفايدتها، كتير من الشركات كانت بتهملها. كنت بأحقق بيها تواجد على محركات البحث وبناخد أول 3 لـ 5 صفحات نتائج لما كنا بنتواجد على المواقع الكبيرة زي pinterest, stumbleupon, slideshare (لأننا بنطلع معاها بالرانك العالي بتاعها، في الصفحات الأولى من نتائج البحث).
هو هنا عامل فرع مخصوص لـ التسويق عبر البريد الإلكتروني email marketing على الرغم إنه مس بالدرجة دي من القوة، لكنه وقتها كان قوي بحكم إنها وسيلة التواصل الأولى عبر الانترنت، فكان جزء رئيسي من أدوات جذب العملاء والوصول إليهم.
كمان التسويق عبر صفحات الإعلام الاجتماعي social media marketing مضمّن جواها التدوينات blogs، على أساس يمكن إنها هتتنشر على السوشيال ميديا لكن المدونة بالأساس تابعة للويبسايت أو التسويق بالمحتوى، فده مثال على إنه ما تركزش أوي هم كانوا حاطين البند فين، المهم إنه موجود.
وبعدها ييجي لجزء كتير مهمل في التسويق الرقمي -عندنا في السوق المصري والعربي- وهو بناء العلاقات العامة أونلاين online public relations اللي بتوصّلك لفئة من السوق مهتمة باللي أنت بتعمله لكن مش قادر توصل لهم بسهولة أو بسرعة، ومش شرط يكونوا عملاء مباشرين، ممكن يكونوا منافسين في المجال. لو جذبتهم مثلا بمكتوبات الأعمال التجارية white papers (عن فهم مشكلة في السوق واتخاذ قرار بشأنها) بيساعدك تتشاف في السوق وبالتالي توسّع تواجدك رقمياً.
وأخيراً، الشكل المبسط من الإعلانات المدفوعة Ads، للوصول للجمهور المستهدف إما عن طريق الشبكات الإعلانية زي جوجل Google AdWord وقتها وفيسبوك في بدايته، أو عن طريق المسوقين بالعمولة referral marketing أو زي ما يُطلق عليها أحياناً بالخطأ affiliate marketing 1 كنت سمعت من دكتور رامي خضير (استشاري تسويق) إن مجال الـ affiliate marketing تحديداً بالمسمى ده هو أشبه بنموذج عمل QNet اللي بيعمل تسويق هرمي، وده أحد أدوات النصب لإقناع (المسوق) بشراء منتجات أسعارها مبالغ فيها، وبيعها للغير، بما يحقق له ربح سريع، في حين أنه لا يحتاج السلعة ولا غيره يحتاجها، وإنما هي شبكة تجارية قائمة على تحقيق أقصى ربح لمؤسسيها بدون تبادل قيمة حقيقية. وده معنى مختلف عن التسويق بالعمولة referral marketing (وإن كان المصطلح affiliate marketing شائع أكتر). الـ direct selling / referral marketing هو إن حد يبذل مجهود لإقناع عميل محتمل بشراء منتج قد يحتاجه أو يرغب في الحصول عليه، ضمن مقدرته الشرائية ومحتاجه فعلاً. فوجب التنبيه للاختلاف بين المصطلحين. تقدر تسمع رأيه هنا (بودكاست حياة أكتر – الدقيقة 45)affiliate marketing.
2. خريطة التسويق الرقمي Digital Marketing Map
الخريطة هنا أحدث من اللي قبلها وفرّعت أكتر في الجزئيات وحاولت تضيفها في أماكنها المنطقية أكتر. بالإضافة إلى إنها راعت الأبعاد الجديدة للتكنولوجيات الحديثة زي الذكاء الاصطناعي AI واستخدام الواقع المعزز virtual reality في التسويق، زي ما شفنا الجولات التفاعلية virtual tours واستخدام شركات الأثاث (منهم أيكيا) لتقديم محاكاة لشكل قطعة الأثاث في المنزل قبل شرائها.
مثلا في الإعلانات أضافت إعلانات شركة أمازون Amazon Ads وفي التسويق بالمحتوى أضافت بث الفيديو live stream واللي مكانش منتشر من 10 سنين، ودمجت البيع عبر الإنترنت online sales/ecommerce ضمن مهام التسويق الرقمي. مع توضيح التداخلات بينه وبين باقي العناصر، زي مثلا CRO (تحسين معدل التحوّل للعميل conversion rate) لمّا تقاطع الـبيع selling مع التسويق بالمحتوى content marketing، وهكذا باقي التفاصيل مع بقية العناصر.
النوع ده من الإبداع في التفصيل مع التنظيم بيرتب دماغ اللي شغالين في المجال، غير إنه بيطوّر المعرفة دي والمجال ده لسنوات لأنه بيضيف أبعاد جديدة بتتنفذ عملياً technically بدون ما تكون محددة بشكل نظري theoretically من قبل كده، وفيه أجزاء كتير منها مش متطبقة في أسواق العالم التالت لحد ما توصلها التقنية الحديثة.
ركّزوا في الخريطة دي كويّس وادرسوها.
3. خريطة الانتشار الرقمي للموبايل والاتصالات Mobile Growth Stack
اتعرّفت من وقت قريب على خريطة النمو لمجال الاتصالات والهواتف المحمولة mobile growth stack بحكم إن التقنيات المتوفرة بين إيدين شركات الاتصالات والشبكات اللاسلكية يمكن الاستفادة منها تسويقياً. زي كده ما بنقول إن التسويق الرقمي digital marketing أوسع من التسويق عبر الإنترنت online/internet marketing لأنه بيشمل معاه أي حاجة رقمية (زي التسويق عبر الموبايل أو شاشات الإعلانات الرقمية) ولو كانت غير متصلة بالإنترنت).
خريطة نمو الموبايل متقسمة -من اليسار- على نفس خطوات قمع المبيعات sales funnel، فلو عاوز تعرّف العميل بيك بتبدأ بـ الـ PR وحملات الـ influencer marketing -على سبيل المثال- واللي بتتكرر معانا هنا كمان.
بعدين بتخليه يتفاعل معاك من خلال منتج product بتقدمهوله وإن كان المنتج ده هو عبارة عن نظام معين (خط تليفون بأرقام مميزة، مع باقة شهرية من الداتا والمكالمات، ومشاهدة عدد من القنوات) بيستهدف الشباب ورجال الأعمال الفريش مثلا. هو مش هيقدمه كمنتج وحيد الخلية كده ويسيبه، هيعمل حواليه مجتمع community للتواصل ومعرفة جديد العروض بـ تنبيهات على شاشة موبايلك push notifications ويقدم له دعم فني أو خدمة عملاء مخصوص.
نموذج العائد المالي من كل منتج في مجال الموبايل معروف مسبقاً، مجموعة اختيارات بتختار منها المناسب للمنتج وللعميل المستهدف، زي الموجود في صف تحقيق العوائد المالية monetization، هو محدد الطرق المقترحة لتسعير المنتج، والكسب منه. حتى الأدوات أو القنوات المستخدمة channels للتسويق في المجال محددة.
الجميل في الموضوع، إن كمان جانب التحليلات في مجال الموبايل معروف أوله وآخره ومنظم كده وأدواته واضحة. يعني هو عايز يقيس المنتج ده بيكسب ولا لأ، بيزيد ولا بيقل التفاعل عليه. كل حاجة منها ليها مقياس. فمثلا: mobile attribution هيعرف منها عدد اللي حمّلوا الأبلكيشن من متجر الموبايل مقارنة باللي استخدموه بالفعل. أو يستخدام معدل LTV لمعرفة لأي مدى المستخدم ده قيّم للشركة، بيوضح هو مثلا جدد الباقة كام مرة خلال الـ 90 يوم اللي فاتوا. فما تستغربش لما تكون بتشحن كارت -مش خط- وبتدوس على كل العروض اللي بتظهر لك عالأبلكيشن عشان تشحن برقم أقل الشهر ده، ولما تيجي تكلم خدمة العملاء إنهم مش باقيين عليك D:
يعني هو (كمُشغِّل operator في مجال الاتصالات والموبايل) بالإضافة إلى إنه هيستعين بالإنترنت في التسويق زي باقي اللي في السوق. بيعتبر إن عنده مزايا قوية بتقنية الموبايل، وبيحصل منها على بيانات قوية، يقدر يستهدف بيها ويصنّف جمهور مستخدميه، ويتتبع عادات تصفحهم للموبايل، ويبيع للغير مساحات إعلانية حسب اهتمامات مستخدميه وتصنيفاتها عنده، ويجيبهم بـ push notification على شاشة موبايلهم كل ماينسوه!
وأفتكر للسبب ده شركات المحمول بتغلس على بعض في تحويل العملاء من عندهم، حتى لو كان بيشحن في الشهر بميزانية زهيدة. لأن الشركة بتستفيد منه أضعاف الرقم ده من خلال بيع بياناته للغير للإعلانات ad networks! ^_^
الخريطة دي مهمة للي بيفكروا يشتغلوا في مجال الاتصالات أو تطبيقات وبرمجيات الموبايل. لكن مهمة كمان لأي حد بيشتغل تسويق رقمي، لو تقدر يحصل على بيانات مماثلة تخدمك في فهم سلوك عملائك المحتملين وتستخدم تقنيات الموبايل المتاحة قدر الإمكان في الوصول للفئة المستهدفة لمشروعك.
الخلاصة:
ده شكل مبسط رسمته خلال عملي في الـفترة من 2010 لـ 2021. ركزت هنا على العناصر الأساسية لو بنعمل استراتيجية للتسويق الرقمي أو خطة للتواجد اونلاين والديجيتال عموما. زي (التحليلات ومتابعة السوق)، و(العلاقات العامة) PR وربطها بالصحافة والمؤثرين، و(إدارة العملاء) CRM اللي بقت مستقلة جزئياً عن إدارة السوشيال ميديا، و(البيع)، بغض النظر بنقدم منتج أو خدمة، في الحالتين هيكون فيه (عملاء) و(مبيعات).
الخريطة دي أشبه بأول خريطة -رقم (1)- قدمتها في المقال، لكن لو اتفرّعت أكتر هتكون شبه الخريطة التفصيلية -رقم (2) في المقال- على حسب التقنيات المتاحة عند كل مشروع وخطة العمل.
مفيش شك إن الصنارة أداة مهمة جداً للصياد، تبدو بدائية لكن لا يمكن الاستغناء عنها طول ما هو على الشط أو بيصطاد هواية، لكن لما يدخل جوه النيل أو البحر وحابب يكسب ويبيع، بيحتاج يطوّر من أدواته وينزّل كل شباكه، ويبتكر أدوات أو طرق وصول جديدة عشان يحقق هدفه، وكل صيّاد وشطارته. 😉